أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يصدر العدد الثاني من مجلة "اتجاهات آسيوية"
  • أ. د. نيفين مسعد تكتب: (عام على "طوفان الأقصى".. ما تغيّر وما لم يتغيّر)
  • د. إبراهيم فوزي يكتب: (بين موسكو والغرب: مستقبل جورجيا بعد فوز الحزب الحاكم في الانتخابات البرلمانية)
  • د. أيمن سمير يكتب: (هندسة الرد: عشر رسائل للهجوم الإسرائيلي على إيران)
  • أ. د. حمدي عبدالرحمن يكتب: (من المال إلى القوة الناعمة: الاتجاهات الجديدة للسياسة الصينية تجاه إفريقيا)

هل يغادر الأميركيون العديد؟

02 أكتوبر، 2019


في ظل التهديدات والهجمات الإيرانية على مرافق النفط السعودية، وخطفهم السفن، وإسقاطهم طائرة درون أميركية قيمتها مائة مليون دولار، طبعا تتوقع أن تعزز الولايات المتحدة وجودها العسكري في الخليج؟

لا، الذي يبدو لنا عكس ذلك. تقول صحيفة الـ«واشنطن بوست» إنه في عملية تم التكتم عليها نُقل مركز قيادة العمليات الجوية، الذي يفترض أنه أهم مرفق في قاعدة العديد الأميركية في قطر، إلى ما وراء 11 ألف كيلومتر، إلى داخل الولايات المتحدة. وتقول المصادر الأميركية إنه إجراء احتياطي خاصة بعد نجاح الإيرانيين في اختراق الدفاعات الجوية وقصف منشآت بقيق وخريص السعودية مستخدمين صواريخ ودورنز تطير على ارتفاع منخفض جداً. في حين تقول الصحيفة إن الأميركيين يريدون نقل القيادة من قطر بشكل تدريجي إلى الولايات المتحدة، وهناك من يقول إنها عملية تقليص الوجود العسكري الأميركي في قطر بشكل تدريجي في وقت زاد البنتاغون من قواته في البحرين والإمارات والسعودية.

هل يفترض أن يقلق هذا التوجه السعودية وبقية دول الخليج، التي هي في حال حرب غير رسمية مع إيران، أم قطر التي بنت كل سياستها على أن تكون مقر القوات الأميركية في المنطقة واستثمرت مبالغ ضخمة لإغراء الأميركيين بالبقاء؟ فالتحسينات الأخيرة في القاعدة كلفت الحكومة القطرية نحو ملياري دولار. قطر تمارس كل نشاطاتها ضد دول المنطقة، مثل السعودية والبحرين والإمارات ومصر والأردن وغيرها؛ لأنها تعتقد أن الوجود الأميركي يحميها من عواقب أفعالها.

في الوقت الراهن الأهم للمنطقة هو دراسة احتمالية الانسحاب الأميركي بناء على رواية نقل العمليات خارج قطر. توجد مسألتان أساسيتان، على الأقل من وجهة نظري؛ أولاً: لا يمكن للأميركيين أن ينسحبوا من هذه المنطقة بالغة الأهمية استراتيجيا، فهي مفتاح الطاقة للعالم بما فيه دول منافسة لأميركا مثل الصين. ومَن يحكم مِن الدول الكبرى في هذه المنطقة، فسيتحكم عمليا في سوق الطاقة في العالم. ثانيا: تخفيض الوجود العسكري الأميركي سيقابله تزايد النشاطات العسكرية الإيرانية ومضاعفاته، بما فيها الإضرار بالمصالح الأميركية وحلفائها، إلا أن الانسحاب سيعني إفشال المقاطعة الاقتصادية التي تمثل محور سياسة واشنطن ضد إيران.

قيام الأميركيين بالنقل التجريبي لقياداتهم من قطر يوحي، على الأرجح، بخلاف الإشاعات، بأن واشنطن تستعد لاحتمالات الحرب أكثر مما يبدو لنا. فالخشية من تدمير مركز القيادة دافع منطقي لعمل محاكاة له بقاعدة شو في الولايات المتحدة، وذلك في ضوء الهجمات الإيرانية الأخيرة. ولا يهم كثيرا ما تردده وسائل الإعلام الإيرانية من دعاية بأنها قادرة على تدمير القوة الأميركية في الخليج، فالحقيقة هي عكس ذلك. أما لماذا التردد الأميركي؟ فإنه يعكس المنطق السياسي هناك، واشنطن تفضل الضغط الاقتصادي على النظام الإيراني وإجباره على التراجع عوضا عن خوض حرب لها ما لها من تبعات سيئة.

قدرة أميركا على تدمير قدرات إيران حقيقية ومخيفة، لكن قد يكون هذا هو الحل الأخير.

*نقلا عن صحيفة الشرق الأوسط